لماذا يفشل الديجيتال ديتوكس؟

لنبدأ بالإشارة لحقيقة مزعجة: نحن نعيش في عصر أصبحت فيه الأجهزة الرقمية امتدادا لأجسادنا، تؤثر على وعينا وسلوكنا بطرق غير مسبوقة.

إحصائيات مقلقة عن الاستخدام الرقمي في العالم العربي:

تشير هذه الإحصائيات إلى أن هناك استخدام مفرط للأجهزة الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي، مما يعني زيادة احتمال تعرض المزيد والمزيد من البشر لنتائج ذلك السلبية.

إذا كنت قد حاولت سابقا "التخلص من السموم الرقمية" أو تجربة "صيام الإنترنت" ثم عدت لعاداتك القديمة بسرعة، فلست وحدك، ودعنا نرى لماذا.

العودة المفاجئة Rebound Effect:

عندما تقطع اتصالك بالكامل عن التكنولوجيا لفترة قصيرة (كأسبوع مثلا)، قد تحدث ظاهرة نفسية تُعرف بـ "العودة المفاجئة". يمكن تلخيصها في ثلاث مراحل:

  • الإنسحاب المؤلم: الأيام الأولى تشعر بالقلق والتوتر، كأنما توفي للتو من كان مدينا لك بمال.
  • الراحة المؤقتة: تبدأ بالشعور بالتحسن وتستمتع بالانقطاع
  • العودة المفرطة: عند انتهاء فترة الانقطاع، أو الديتوكس كما يٌسمى، سواء دفعت ثمنه مئات الدولارات في منتجع ما أو لا، تعود لاستخدام الأجهزة بشكل أكبر مما كنت عليه سابقا.

خدعة "صيام الدوبامين":

انتشر أيضا مؤخرا مصطلح "صيام الدوبامين" كحل سحري للإدمان الرقمي، ويقوم هذا على سوء فهم شائع لكيفية عمل الدوبامين في الدماغ.

علميا، الدوبامين ليس "هرمون المتعة" بل ناقل عصبي مرتبط بالتوقع والتحفيز وليس المتعة بحد ذاتها. عندما يبتعد الناس عن المحفزات الرقمية لفترة قصيرة، قد يشعرون براحة مؤقتة وانخفاض في التشتت الذهني، وهذا حقيقي، لكنه لا يعني أن نظام الدوبامين "أُعيد ضبطه".

في الواقع، ما يحدث هو مجرد انخفاض مفاجئ في التحفيز الخارجي، مما يعطي إحساسا بالتحكم، لكن هذا الشعور مؤقت ويعود غالبا إلى استجابة الدماغ للهدوء، وليس لإصلاح فعلي في آلية الإدمان. يخلط كثيرون بين هذا التحسن المؤقت والشفاء فعلي، بينما التغيير العصبي المستدام يتطلب تدخلات طويلة الأمد كإعادة بناء الدوائر العصبية من خلال عادات صحية مستمرة، وإعادة هندسة البيئة حيث نتواجد.

أحدث أقدم

نموذج الاتصال